هل يستطيع الشيطان أنْ يسيطرَ على أفكارِك؟

هل يستطيع الشيطان أنْ يسيطرَ على أفكارِك؟

بقلم مايكل هورتن

قد نضِلُّ السبيلَ في اتِّجاهين عندما نتحدَّث عن الشيطان. فإمَّا أنْ لا نأخذ وجودَه ونواياه الخبيثة مأخَذ الجِد بما يكفي، وإمَّا أنْ ننسبَ إليه مكانةً وأهميَّةً عظيمة. إذ لا يستطيع الشيطانُ أنْ يُرسِّخَ أفكارًا في ذهنِك. والكتابُ المُقدَّس يُعلِّم أنَّ الشيطانَ مخلوقٌ، وأنَّه حين يُجرِّب فإنَّه يقترح ويُقدِّم الحُجَج. على سبيل المثال، في إنجيل متَّى نرى الشيطانَ يُحرِّف نصوصَ الكتابِ المُقدَّس ويلويها. فالشيطان ليس أصليًّا[ja1] ، وهو لا يؤلِّف نصوصًا. لم يكتبْ كتابًا قَطُّ. لا يعرف كيف يرسم أيَّ شيءٍ. إنَّه لا يعرف كيف يبتكر أيَّ شيءٍ، لا يستطيع أنْ يخلقَ أيَّ شيءٍ، إنَّه يُشوِّه كلمةَ الله، إنَّه يطوف بالطلاء الذي يُرَش وينثره فوق لوحة الموناليزا (Mona Lisa). إنَّ السبيلَ الوحيد لنُميِّزَ صوتَ الشيطان هو أنْ نعرفَ صوتَ الله معرفةً أفضل.

غالبًا ما يقول الأشخاص الذين يتصدُّون لصناعة تزييف النقود إنَّ أفضل طريقة للتمكُّن من معرفة أنَّ ورقةً نقديَّةً مُزيَّفةٌ هي معرفة العُملة الحقيقيَّة الأصليَّة حقَّ المعرفة. يقول يسوع: “خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي”. فأنْ نعرفَ صوتَه حقًّا، وأنْ نعرفَ ما تقوله كلمتُه، وأنْ نعرفَ الكتابَ المُقدَّس معرفةً كافيةً، وأنْ نعرفَ ما يقوله حقًّا، هو أهمُّ شيء نفعله؛ لأنَّ الشيطانَ عالمُ لاهوتٍ حاذِق. فالشيطان يعرف الكتابَ المُقدَّس أيضًا، ويُحرِّف الكتابَ المُقدَّس، ويُشوِّه الكتابَ المُقدَّس.

لا بُدَّ أنْ نعرفَ ما يقوله الكتابُ المُقدَّس لكي نقدِر أنْ نُميِّز عندما يُحرِّفه الشيطان، لكنَّنا نحن أنفسنا أيضًا نُحرِّف الكتابَ المُقدَّس. لا أعتقد أنَّه من السهل جدًّا أن نُميِّز. لا أستطيع في حياتي الشخصيَّة أن أُميِّز بين صوت الشيطان وصوت جسدي. في كلتا الحالتين، أعتقد أنَّ الشيطانَ يستغلُّ ضعفَ طبيعتي الخاطئة لمصلحته. لكن في الأساس، طبيعتي الخاطئة هي التي تُغذِّيه وتجعلني عُرضةً لإغوائه وتعاليمه المُضلِّلة غير الصحيحة. في أفسس 6، يخبرنا بولس أنَّ سيفَ الروح، الذي هو كلمة الله، هو سلاحنا الهجومي هنا. أمَّا سلاح الدفاع فهو بِرُّ المسيح الكامل.

عندما يُباغِتك الشيطانُ ويغويك أنْ تُفكِّر أنَّ اختبار خلاصك ليس حقيقيَّ، لأنَّك لم تختبرْ الربَّ كما اختبره أناسٌ آخرون، أو لأنَّك تصارع مع نفس الخطيَّة مِرارًا وتَكرارًا، هذا ما ينصبُّ عليه تركيزُ الشيطانِ عندما يأتي بهذه الانتقادات. حتى إنَّه حين يقتبس الكتابَ المُقدَّس يقتبسه خارج سياقه. فهل تقول إذن: “دعني أتحدَّث معك، أيُّها الشيطانُ، عن خِبرتي المسيحيَّة؟ إنَّها أفضل بكثير ممَّا تظُن”. لا، بل تلبس المسيحَ. لا تلجأ إلى بِرِّك في محادثة مع المُشتكِي على الإخوة. اِلْبَسْ دِرعَ بِرِّ المسيح ولن تنفُذَ سهامُه. اِلبَسْ خوذةَ الخلاص، التي هي عمل المسيح الموضوعي. لا يسَع الشيطانُ أنْ يفعلَ أيَّ شيءٍ قدَّام ذلك. قال يسوع: “قَدْ أُكْمِلَ” وهو على الصليب، وهكذا بالفعل قد أُكمِل. ولا يقدر الشيطان أنْ يُبطِلَ ذلك.

احملْ سيفَ الروح، الذي هو كلمة الله وتُرس الإيمان، ولا تلجأ إلى أعمالك الصالحة مرة أخرى بل إلى تُرس الإيمان، الإيمان بالمسيح. هكذا نصمد ونثبت ضدَّ هجوم العدو في حياتنا. يقف التعليم الخاطئ في الخط الأمامي لهذه الحرب. وهذا هو بالحقيقة حقل تخصُّص الشيطان.

“أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تُصَدِّقُوا كُلَّ رُوحٍ، بَلِ امْتَحِنُوا الأَرْوَاحَ: هَلْ هِيَ مِنَ اللهِ؟ لأَنَّ أَنْبِيَاءَ كَذَبَةً كَثِيرِينَ قَدْ خَرَجُوا إِلَى الْعَالَمِ. بِهذَا تَعْرِفُونَ رُوحَ اللهِ: كُلُّ رُوحٍ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَهُوَ مِنَ اللهِ، وَكُلُّ رُوحٍ لاَ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ، فَلَيْسَ مِنَ اللهِ”. (1 يوحنا 4: 1-3)

مُقتبس من إجابة قُدِّمت في الحلقة 146 من البرنامج الإذاعي جوهر المسيحيَّة.

  • مايكل هورتن
    الدكتور مايكل هورتن هو أستاذ علوم اللاهوت النظامي والدفاعيات في معهد اللاهوت العالي ويستمنستر – كاليفورنيا. له مئات المقالات في مواضيع لاهوتية مختلفة وعشرات الكتب اللاهوتية من ضمنها كتابه المشهور جوهر المسيحية. يشغل د. هورتن ايضاً رئاسة تحرير مجلة Modern Reformation، وهو رئيس ومضيف للبرنامج الإذاعي المعروف The White Horse Inn
    Read All by مايكل هورتن ›

ابحث في مكتبة الموارد