
بقلم مايكل هورتن
يدعونا الله إلى الطاعة، مانحًا إيانا روحَه القُدُّوس؛ لنرغب حقًا في طاعته. فنقرأ رومية 8: 12-13، “فَإِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ نَحْنُ مَدْيُونُونَ لَيْسَ لِلْجَسَدِ لِنَعِيشَ حَسَبَ الْجَسَدِ. لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ”. ما نلاحظه أولا هو قوله “إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ”.
فإنّنا نسلك حقًا بالروحَ القُدس مثابرين كما يوضح بولس في رسالة غلاطية. لكنّ الصورةَ التي يرسمها بولس هنا في رومية 8: 12-13 هي إمَّا أنْ نُمِيتَ الخطيةَ وإمَّا ان تُميتنا هي.
فالخطيةُ ليست بالشيء الذي تعاملها بلطف ورِّقة، كأنْ تقولَ في نفسك: “نعم، لديَّ بعض الخطايا الأليفة التي التي اتسامح واتساهل معها.” ولكن الحقيقة ان تلك الخطايا هي ذئاب مفترسة. فقد تحاول أنْ تُربِّي ذئبًا وهو بعد جروٍ وتظُنّ قائلًا: ” باستطاعتي ان أدّرِبهُ، وأبقائه في قَفَصِه”، لكن الحقيقة ان ذلك الذئب سيكبر يوم ما ويفترسك حيًّا. فلا تتساهَل مع أيَّة خطيةٍ في حياتك. هذا لا يعني ذلك أنّك لن تخطِئ، لكن لا تتساهَل او تعامل الخطية برفق وتُدللّها. لا تحاول ان تقنع ذاتك ان ممارسة بعض الخطايا هي من حقك، وتوهم نفسك انها مجرد سقطات متكررة.
السقطات لا تظل على حالها بل تتضخم لتضحى خطايا عظيمة تعمل على قتلك. لهذا السبب سبق بولس قائلًا في الأصحاح السادس من رومية: “فَمَاذَا نَقُولُ؟ أَنَبْقَى فِي الْخَطِيَّةِ لِكَيْ تَكْثُرَ النِّعْمَةُ؟ حَاشَا! نَحْنُ الَّذِينَ مُتْنَا عَنِ الْخَطِيَّةِ، كَيْفَ نَعِيشُ بَعْدُ فِيهَا؟ أَمْ تَجْهَلُونَ أَنَّنَا كُلَّ مَنِ اعْتَمَدَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ”. لقد غُفِرَت لنا خطايانا؛ لقد تبرَّرنا؛ وأُغرقت طبيعتنا الخاطئة ودُفِنَت مع المسيح في القَبر.
“فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ، حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِمَجْدِ الآبِ، هكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ؟” ويتابع ليقول: “إِذًا لاَ تَمْلِكَنَّ الْخَطِيَّةُ فِي جَسَدِكُمُ الْمَائِتِ لِكَيْ تُطِيعُوهَا فِي شَهَوَاتِهِ، وَلاَ تُقَدِّمُوا أَعْضَاءَكُمْ آلاَتِ إِثْمٍ لِلْخَطِيَّةِ، بَلْ قَدِّمُوا ذَوَاتِكُمْ للهِ كَأَحْيَاءٍ مِنَ الأَمْوَاتِ وَأَعْضَاءَكُمْ آلاَتِ بِرّ ِللهِ.” لذا يقول: “فَإِنَّ الْخَطِيَّةَ لَنْ تَسُودَكُمْ، لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَحْتَ النَّامُوسِ بَلْ تَحْتَ النِّعْمَةِ” (رومية 6: 4، 12-14).
قد يكون هذا غير بديهي لنا، لكنّ حُجَّة الرسول بولس في ذلك واضحة اذ يقول، “لَسْتُمْ تَحْتَ النَّامُوسِ بَلْ تَحْتَ النِّعْمَةِ”. فأنتم لستم تحت الناموس، بل تحت النعمة؛ ولأنكم لستم تحت دينونة الناموس وسلطانه، بل تحت نعمة الله ورحمته في المسيح، فلن تسودَكم الخطيةُ. فأنتم لن تدانوا فحسب، بل لن تصيروا بعد الآن أحياء وأمواتًا لله. فالمؤمنون ليسوا أمواتًا في الذنوب والخطايا، نعم، ما زِلنا خُطاةً ولكننا لَسْنا أمواتًا. هذا الصباح، كنتُ أشجِّع أبنائي لأنّه واضحٌ من صحيفة دَرَجاتِهم في المدرسة أنّهم أَبلَوا بلاءً حسنًا. وأخبرني أحدهم: “أَتَعلَمُ يا أبي، ما أجملَ شعور الحصول على درجات عالية!”
الحقيقة، كان ابنائي محبطين في العام الماضي عندما لم يكُن أداؤهم جيّدًا وعلامات مواد دراستهم لم تكُن مرتفعة. فالحصول على بطاقة دَرَجات عالية يزيد من ثقتَك.
أعتقد أنّ هذا هو المنطق الذي يستخدمه بولس عبر رسالته إلى أهل رومية. قد تعتقد أنّه كلّما لَجأتَ إلى الناموس نَعِمتَ بتحرُّر وحُريّة أكثر من الخطية، لكن الأمر عكس ذلك في الواقع. إذ تُثبَّط عزيمتُك عندما تنظر إلى صحيفة دَرَجاتِك.
ما تحتاج إلى معرفتِه جيدًا هو حاجتك لناموس الله المقدّس ليعطيك بطاقة الدَّرَجات – تقييمًا صادِقًا لعملِك لتهرب من من هذا المعيار الإلهي الذي رصد دَرَجات استحقاقك، وفشلت فيه، إلى المسيح الذي يبررك، ويحسَب لك مُعدّل درجَاته التراكمي. فهو الوحيد الذي أطاع الناموس كاملا وكان بلا خطية وبذلك أحرز درجة النجاح النهائية التي تحسب لك. وهذا ما يزيد ثقتَك. فماذا تريد أنْ تفعلَ الآن، هل تريد أنْ تخفق في الامتحان من خلال محاولاتك في إطاعة الناموس بحذافيره؟ لا، أنت تريد أنْ تجري السباق، وتذهب إلى المدرسة مسرورًا. هذا ما يتحدّث عنه بولس هنا، لأن تقييم دَرَجاتك من خلال النامس تشهد على إخفاقك ولكنه لم يعد يُحسَب لك. لأنك قد تبررت في المسيح، وقد اعتمدت لموته ودفنه وقيامته. لذا، فأنت بلا عُذرٍ ألا تحيا من أجل السيد الرب يسوع المسيح .