إذا كنت تشعر بالملل من الله، فمن المحتمل أنك تعبد صنمًا

إذا كنت تشعر بالملل من الله، فمن المحتمل أنك تعبد صنمًا

بقلم سِلڤيريو غونزاليز

من السهل التمييز بين الإله الحقيقي، الإله الذي يصفه لنا الكتاب المقدس، والصنم. الصنم يتّفق معك دائمًا. الصنم يقول ويفعل ما هو مُتوقَّع دائمًا. الصنم يصيبك في النهاية بالملل ولا يُلهِمك أبدًا للعبادة. أَمَّا الإله الحقيقي فمختلف.

1. الإله الحقيقي يتحدَّانا

يقدّم الكتاب المقدس إلهًا لا يناسب توقّعاتنا. الله بارّ وقدُّوس، يطالب بالعدل ويحكم على التمرد البشري. تكشف أجزاء كثيرة من الكتاب المقدس عن غضب الله بقدر ما تكشف عن محبّته، وهذا لا ينطبق على العهد القديم فقط. في العهد الجديد أيضًا يقدّم يسوع تحدّيات. فعندما نقيم الحفلات، يأمرنا يسوع بدعوة الفقراء والمُقعَدين والعرج والعمى (لوقا 14: 12–14). ويصف يسوع حياة تلاميذه بأنها حياة إنكار للذات (متى 16: 24–25). ويدعونا يسوع لنحب أعداءنا (متى 5: 44). بل ويبدو من كلام يسوع أنَّه يستحيل أن نرث ملكوت الله وأن نكون أغنياء في هذه الحياة (لوقا 18: 25).

إله الكتاب المقدس إله غريب؛ ليس الإله الذي يمكننا التحكّم فيه أو التلاعب به أو تكييفه أو ترويضه ليتناسب مع ما هو مألوف لدينا. عندما يواجههنا الله في واقع حياتنا، تنكشف تصوّراتنا له على حقيقتها: أننا كنا نفكّر في أصنام، أنَّ تصوّراتنا مُجرَّد إسقاط من أنفسنا، من وحي خبراتنا المحدودة. حينئذٍ تتبدّل احتياجاتنا التي نشعر بها باحتياجات أكثر إلحاحًا لم نكن حتَّى ندركها (مايكل هورتن، The Gospel-Driven Life، ص. 23).

يسوع يتحدّانا. إنّ تلطيف الله، وترويض يسوع، يقودنا إلى إله لا يتحدّانا. هذا الإله هو من نسج خيالنا. فإن لم يستطع الله أن يتحدّانا، إنَّ لم يستطع التشكيك في طريقة حياتنا، نكون قد حوّلناه إلى صنم لا يستطيع مساعدتنا ولا إنقاذنا.

2. الإله الحقيقي يفاجئنا

في الكتاب المقدس، الله يفعل غير المتوقّع: إنَّه يُظهِر الرحمة. فإنّ الواقع المدهش واضح في الكتاب المقدس: “هَكَذَا أَحَبَّ ٱللهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لَا يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلْأَبَدِيَّةُ” (يوحنا 3: 16). جاء يسوع ومات على الصليب لمغفرة الخطايا. أصبح القاضي محكومًا عليه. تحمّل البارّ عقاب الأَثَمَة. وساوى القدوس نفسه بالأشرار. نجد في الكتاب المقدس أنَّ يسوع يفعل عكس ما يتوقّعه الجميع بالضبط. فعندما يتوقّع البشر لُطفًا، يُظهِر هو الغضب. وعندما يتوقّع البشر عدلاً، فإنه يُظهِر الرحمة.         

أمَّا الصنم فلا يفاجئك أبدًا. إنَّه لا يقدّم نعمة سوى للأشخاص الذين نعتقد أنَّهم يجب أن يحصلوا عليها – أي الأشخاص الذين نحكم عليهم بأنهم مثلنا، مُضلَّلون قليلًا ولكنّ نيتهم حسنة. الصنم لا يُظهِر نعمة للأشخاص الذين يسيئون إلينا. الصنم لا يحب القتلة أو مرتكبي الجرائم الجنسية أو الكسالى. الصنم لا يتورّط في فوضى الحياة أو يُعلَّق على صليب ويُعلِن أنّ اللص المصلوب بجواره سيدخل الفردوس لمُجرَّد أنَّه قدَّم اعترافًا بالإيمان قبل إعدامه. الإله المُعلَن لنا في الكتاب المقدس وحده هو الذي يملك الجرأة أن يفاجئنا بنعمة لا يمكن أن نتوقّعها.

3. الإله الحقيقي يقودنا إلى العبادة

الله يرينا أنَّه أعظم مِمَّا كنّا نتصوّر. إنَّ معرفة الله تضع وجودنا في نصابه الصحيح: أنَّنا ذرّة غبار في عالم خلقه الله من لا شيء، ذاك الإله اللامتناهي الذي يتعذّر فهمه. نُلقِي في إشعياء 6: 1–6 نظرة خاطفة على الله. إنَّه يجلس عاليًا على العرش. وطرف ثوبه يملأ الهيكل بأكمله. السرافيم، وهي كائنات ملائكية ذات ستة أجنحة، تحفّ بعرشه. باثنين من أجنحتهم يغطّون وجوههم وباثنين من أجنحتهم يغطّون أقدامهم. وهم يطيرون حول عرشه مُرنِّمين ترانيم التسبيح: “قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ رَبُّ ٱلْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ ٱلْأَرْضِ!” (إشعياء 6: 3). 

بينما أنت تقرأ الكتاب المقدس ويتّضح لك أنَّ قصة الكتاب المقدس هي قصة الواقع – قصة ينظّمها الله بشكل جميل، قصة تُشكِّل حياتُك جزءًا منها، تستطيع أن ترى أنَّ الله يعمل في حياتك ليدخل بك إلى الحياة الأبدية. هذه الحقيقة سوف تدهشك. عندما تفهم أنَّ الله رحيم ويُصلِح كل شيء، أنَّه يجدِّد الخليقة، فيعيد ترتيب العالم ليعكس صورة المسيح، أنَّه يُظهِر حكمته من خلال خلاص الخليقة، ستستولي عليك الدهشة.

  • سِلڤيريو غونزالِز

    سيلفيريو جونزاليس زوج وأب. حصل على بكالوريوس في الفلسفة من جامعة كاليفورنيا ، سانتا باربرا ، وماجستير في اللاهوت من معهد وستمنستر في كاليفورنيا.

    Read All by سِلڤيريو غونزالِز ›

ابحث في مكتبة الموارد